اضطراب الاكل وفقدان الشهيه
اضطرابات الأكل وفقدان الشهية: فهم أعمق لمشكلة صامتة
تُعد الصحة النفسية أحد الأعمدة الأساسية لرفاهية الإنسان، ومن أبرز التحديات التي قد تواجهها فئة من الناس هي اضطرابات الأكل. هذه الاضطرابات لا تقتصر فقط على علاقة الفرد بالطعام، بل تعكس صراعات داخلية عميقة مرتبطة بالصورة الذاتية، والمشاعر، وضغوط المجتمع. ومن أكثرها شيوعًا فقدان الشهية العصبي الذي يُعد حالة معقدة تتجاوز فكرة “عدم الرغبة في الأكل”.
ما هو فقدان الشهية العصبي؟
فقدان الشهية العصبي هو اضطراب نفسي يتمثل في رفض الشخص تناول الطعام بشكل كافٍ، والخوف الشديد من زيادة الوزن، حتى لو كان وزنه أقل من الطبيعي بكثير. في هذه الحالة تصبح صورة الجسد مشوهة في نظر المصاب؛ إذ يرى نفسه بدينًا رغم نحوله الشديد. ومع مرور الوقت، يتعرض الجسد لنقص حاد في العناصر الغذائية مما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
أسباب فقدان الشهية واضطرابات الأكل
الأسباب متعددة ومعقدة، وغالبًا ما تكون نتيجة تفاعل بين العوامل النفسية والاجتماعية والبيولوجية.
العوامل النفسية: انخفاض تقدير الذات، القلق، أو الاكتئاب.
العوامل الاجتماعية: الضغوط الناتجة عن معايير الجمال المنتشرة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُربط النجاح أو الجاذبية بالنحافة المفرطة.
العوامل البيولوجية: بعض الدراسات تشير إلى أن الخلل في الناقلات العصبية مثل السيروتونين قد يكون له دور في ظهور هذه الاضطرابات.
الأعراض والمضاعفات
من أبرز أعراض فقدان الشهية:
فقدان وزن ملحوظ.
انشغال مفرط بالطعام والسعرات الحرارية.
الامتناع المتكرر عن تناول الوجبات.
ممارسة الرياضة بشكل مبالغ فيه بهدف حرق السعرات.
أما المضاعفات فقد تشمل ضعف جهاز المناعة، اضطراب الدورة الشهرية لدى النساء، هشاشة العظام، ومشاكل في القلب قد تصل في بعض الحالات إلى الوفاة إذا لم يتم التدخل مبكرًا.
طرق العلاج والتعافي
التعامل مع فقدان الشهية ليس بالأمر السهل، لكنه ممكن عند وجود دعم مناسب. يشمل العلاج عادة:
1. العلاج النفسي: مثل العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد المريض على تغيير أفكاره السلبية عن نفسه وعن الطعام.
2. العلاج الطبي: لمتابعة الحالة الجسدية وتعويض النقص الغذائي.
3. الدعم الأسري والاجتماعي: فوجود أشخاص داعمين يلعب دورًا محوريًا في رحلة التعافي.
كيف نقي أنفسنا؟
الوقاية تبدأ من نشر الوعي حول خطورة اضطرابات الأكل، والابتعاد عن الصور النمطية المتعلقة بالجمال. من المهم أن نتعلم تقبل أجسامنا كما هي، وأن نغذيها بما تحتاجه من غذاء صحي ومتوازن بدلاً من السعي وراء مقاييس مثالية غير واقعية.
كلمة أخيرة
اضطرابات الأكل، وفقدان الشهية خصوصًا، ليست مجرد مشكلة “طعام”، بل هي صرخة داخلية تعبر عن ألم نفسي يحتاج إلى التفهم لا إلى التوبيخ. التعامل مع هذه الاضطرابات يتطلب رحلة من الصبر، والدعم، والعلاج المتكامل حتى يتمكن المصاب من استعادة صحته الجسدية والنفسية.
تعليقات
إرسال تعليق